1ظلم الاسلام للمرأة ووجوب دعم الحركة النسوية الحقوق

رد على فيديو ظلم الاسلام للمرأة ووجوب دعم الحركة النسوية الحقوق

رابط الفيديو المشار إليه: https://www.youtube.com/watch?v=5mpGv02VVEk

يتناول هذا المقال ردًا تفصيليًا على الادعاءات المطروحة في فيديو اليوتيوب المعنون بـ ظلم الاسلام للمرأة ووجوب دعم الحركة النسوية الحقوق. يهدف الرد إلى تقديم منظور آخر، مدعوم بالأدلة الشرعية والتاريخية، حول مكانة المرأة في الإسلام، ومناقشة مدى صحة الاتهامات الموجهة للإسلام بظلم المرأة، وتقييم العلاقة بين الحركة النسوية وحقوق المرأة المسلمة.

مقدمة

تعتبر قضية حقوق المرأة من القضايا الحيوية التي تشغل بال المجتمعات الإنسانية على مر العصور. وقد شهدت هذه القضية تطورات كبيرة في العصر الحديث، خاصة مع ظهور الحركات النسوية التي تسعى إلى تحقيق المساواة بين الجنسين. وفي هذا السياق، تثار العديد من التساؤلات حول موقف الإسلام من المرأة، وهل بالفعل يتعارض مع حقوقها، أم أنه يقدم لها حقوقًا تحفظ كرامتها وتضمن لها مكانة مرموقة في المجتمع؟

لا شك أن الإسلام، كدين شامل، قد تناول قضايا المرأة بشكل مستفيض، وقدم لها حقوقًا لم تكن موجودة في المجتمعات التي سبقته. ولكن، قد تحدث بعض الممارسات الخاطئة باسم الإسلام، أو قد يتم تفسير بعض النصوص الشرعية بشكل غير صحيح، مما يؤدي إلى تصورات خاطئة حول موقف الإسلام من المرأة.

نقد الادعاءات بظلم الإسلام للمرأة

يدعي الفيديو المشار إليه أن الإسلام يظلم المرأة، ويستند في ذلك إلى عدة نقاط، من بينها:

• الميراث: يُزعم أن الإسلام يعطي المرأة نصف نصيب الرجل في الميراث، مما يعد تمييزًا ضدها.
• الشهادة: يُزعم أن شهادة امرأتين تعادل شهادة رجل واحد، مما يقلل من قيمة شهادة المرأة.
• تعدد الزوجات: يُنظر إلى تعدد الزوجات على أنه إهانة للمرأة وتقليل من شأنها.
• الطلاق: يُزعم أن الطلاق في الإسلام يقع بيد الرجل فقط، مما يضع المرأة في موقف ضعيف.
• الحجاب والنقاب: يُنظر إلى الحجاب والنقاب على أنهما قيد على حرية المرأة وحرمان لها من حقوقها.

الرد على هذه الادعاءات:

1. الميراث: صحيح أن المرأة في بعض الحالات ترث نصف نصيب الرجل، ولكن هذا ليس قاعدة عامة. ففي بعض الحالات الأخرى، ترث المرأة مثل الرجل أو أكثر منه، أو ترث ولا يرث الرجل. والأهم من ذلك، أن الإسلام قد أوجب على الرجل الإنفاق على المرأة، سواء كانت زوجة أو أختًا أو أمًا، بينما لا يقع على المرأة أي واجب إنفاق، بل هي حرة في التصرف في مالها كيفما تشاء. وبالتالي، فإن الفرق في نصيب الميراث يعوضه واجب الإنفاق الذي يقع على الرجل. كما أن المرأة قد تكون في حاجة أقل للمال مقارنة بالرجل الذي يتحمل مسؤوليات مالية أكبر.
2. الشهادة: في بعض الأمور المالية، يشترط الإسلام شهادة امرأتين مقابل شهادة رجل واحد، وذلك لعدة أسباب، منها أن المرأة قد تكون أقل خبرة في الأمور المالية مقارنة بالرجل، خاصة في المجتمعات التي يكون فيها دور المرأة محصورًا في المنزل. ولكن هذا لا يعني أن شهادة المرأة أقل قيمة بشكل عام، ففي الأمور الأخرى، مثل الأمور الجنائية، تقبل شهادة المرأة بشكل كامل. كما أن هذا الحكم لا ينتقص من كرامة المرأة أو يقلل من شأنها، بل هو مجرد إجراء احترازي لضمان صحة الشهادة في الأمور المالية.
3. تعدد الزوجات: تعدد الزوجات ليس هو الأصل في الإسلام، بل الأصل هو الزواج بواحدة. وقد أباح الإسلام تعدد الزوجات بشروط وضوابط صارمة، منها العدل بين الزوجات والقدرة على الإنفاق عليهن. ويهدف تعدد الزوجات إلى حل بعض المشاكل الاجتماعية، مثل ارتفاع نسبة العنوسة أو وجود عدد كبير من الأرامل. ولا يمكن النظر إلى تعدد الزوجات بمعزل عن السياق الاجتماعي والثقافي الذي ظهر فيه الإسلام، حيث كان تعدد الزوجات شائعًا في المجتمعات التي سبقته. والإسلام لم يمنع تعدد الزوجات بشكل كامل، ولكنه وضع له شروطًا وضوابط لتقليل آثاره السلبية.
4. الطلاق: صحيح أن الطلاق في الإسلام يقع بيد الرجل، ولكن هذا لا يعني أن المرأة لا تملك أي حق في الطلاق. فالمرأة يمكنها أن تطلب الطلاق من خلال المحكمة إذا تعرضت للضرر أو الظلم من قبل زوجها. كما أن للمرأة الحق في أن تشترط في عقد الزواج أن يكون لها حق الطلاق. والإسلام يشجع على الصلح والتوفيق بين الزوجين، ولا يشجع على الطلاق إلا إذا استحالت الحياة بينهما.
5. الحجاب والنقاب: الحجاب والنقاب ليسا قيدًا على حرية المرأة، بل هما تعبير عن هويتها الدينية والثقافية. والمرأة المسلمة التي ترتدي الحجاب أو النقاب تفعل ذلك عن قناعة واختيار، ولا يمكن إجبارها على ذلك. والحجاب والنقاب يحافظان على كرامة المرأة ويحميانها من التحرش والاعتداء. كما أن الحجاب والنقاب لا يمنعان المرأة من ممارسة حقوقها في التعليم والعمل والمشاركة في الحياة الاجتماعية.

مكانة المرأة في الإسلام

يؤكد الإسلام على المساواة بين الرجل والمرأة في الإنسانية، ويمنح المرأة حقوقًا كاملة في التعليم والعمل والتعبير عن الرأي والمشاركة في الحياة الاجتماعية. وقد كرم الإسلام المرأة وجعلها شريكة للرجل في بناء المجتمع. وقد أعطى الإسلام المرأة حق اختيار الزوج، وحق الحصول على النفقة، وحق المطالبة بالطلاق إذا تعرضت للضرر. كما أن الإسلام قد نهى عن ظلم المرأة أو إهانتها أو التقليل من شأنها.

وقد شهد التاريخ الإسلامي العديد من النساء اللاتي برزن في مختلف المجالات، مثل العلم والأدب والسياسة. وقد لعبت هؤلاء النساء دورًا هامًا في بناء الحضارة الإسلامية. ومن الأمثلة على ذلك: السيدة خديجة رضي الله عنها، زوجة النبي صلى الله عليه وسلم، والتي كانت من أوائل من آمن به ووقفت بجانبه. والسيدة عائشة رضي الله عنها، زوجة النبي صلى الله عليه وسلم، والتي كانت من أعلم الصحابة وأكثرهم رواية للحديث. والسيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها، ابنة النبي صلى الله عليه وسلم، والتي كانت مثالًا للمرأة المسلمة الصالحة.

تقييم العلاقة بين الحركة النسوية وحقوق المرأة المسلمة

تسعى الحركة النسوية إلى تحقيق المساواة بين الجنسين، وإلى القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة. ولكن، يجب أن ندرك أن الحركة النسوية ليست كتلة واحدة، بل تتكون من تيارات مختلفة، بعضها قد يتعارض مع القيم الإسلامية. لذلك، يجب على المرأة المسلمة أن تتعامل مع الحركة النسوية بحذر، وأن تختار منها ما يتفق مع قيمها الدينية والثقافية.

لا شك أن بعض مطالب الحركة النسوية تتفق مع حقوق المرأة في الإسلام، مثل الحق في التعليم والعمل والمشاركة في الحياة الاجتماعية. ولكن، بعض المطالب الأخرى قد تتعارض مع القيم الإسلامية، مثل المطالبة بإباحة الإجهاض أو المطالبة بالمساواة المطلقة بين الرجل والمرأة في جميع المجالات.

يجب على المرأة المسلمة أن تسعى إلى تحقيق حقوقها من خلال منظور إسلامي، وأن تعتمد على الأدلة الشرعية والتاريخية للدفاع عن حقوقها. كما يجب عليها أن تتعاون مع الحركات النسوية التي تتفق مع قيمها الدينية والثقافية، وأن تتجنب الحركات التي تتعارض مع هذه القيم.

خلاصة

لا يمكن القول بأن الإسلام يظلم المرأة بشكل عام. فالإسلام قد منح المرأة حقوقًا لم تكن موجودة في المجتمعات التي سبقته، وكرمها وجعلها شريكة للرجل في بناء المجتمع. ولكن، قد تحدث بعض الممارسات الخاطئة باسم الإسلام، أو قد يتم تفسير بعض النصوص الشرعية بشكل غير صحيح، مما يؤدي إلى تصورات خاطئة حول موقف الإسلام من المرأة. لذلك، يجب علينا أن نعود إلى المصادر الأصلية للإسلام، وأن نفهم النصوص الشرعية في سياقها التاريخي والثقافي، وأن نسعى إلى تطبيق أحكام الإسلام بشكل صحيح وعادل. كما يجب على المرأة المسلمة أن تدافع عن حقوقها من خلال منظور إسلامي، وأن تتعاون مع الحركات النسوية التي تتفق مع قيمها الدينية والثقافية.